مقال رائع للشيخ عائض القرني بمناسبة فوز باراك حسين اوباما...
احببت أن اضعه بمناسبة تنصيب الرئيس الأمريكي الـ44...
إن في فوز باراك أوباما لعبرة لقوم يعقلون، ألا تعجب من رجل فقير بسيطمسكين سافر به أهله من بيت صغير في كينيا بأفريقيا يبحثون عن لقمة العيشفارين من الجوع والمرض والجهل؟ فيتعلّم ابنهم ويتزوج وينال منصباً ويُعطى
جنسية أمريكية ويدخل الانتخابات ويفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية،بل بقيادة العالم.
فهو المدير الإقليمي للدول جميعاً، وهو أقوى رجل في عالم الدنيا فيالقارات الست. أما وقفت مع نفسك متأملاً في هذا المشهد العجيب الغريب؟ كيفيقفز رجل غريب فقير مهاجر
مسكين من كوخ في كينيا إلى أن يتربّع على كرسيالرئاسة في البيت الأبيض، وقل لي بربك: لو أن الأستاذ باراك أوباما التجأإلى بعض الدول العربية كيف يكون وضعه؟ إنه سوف يكون في الغالب في الترحيللانتهاء مدة إقامته أو سوف يطرد من البلاد لمخالفة قانونية
.
وإذا كُرِّمَ سمح له بأن يكون سائق تاكسي (ليموزين) أو حارس عمارة أو بائعاًفي سوق الخضراوات أو الحراج. هذا ما سوف يحصل للأستاذ باراك أوباما لو كانفي بعض الدول العربية القوية الصامدة المتألقة النامية والنائمة في سباتعميق «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ
وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَالْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ» سبحان الله! مرةً واحدة
وبسرعة هائلة يصل العامل البسيط والشاب الفقير والمهاجر المسكين إلى رئاسةأكبر وأقوى دولة في العالم ليجلس أمامه رؤساء العالم وهم ينتفضون من حمّىالرهبة ويرتعدون من هول الموقف؛ لأنهم في مجلس رئيس الولايات
المتحدةالأمريكية. سبحان الله!
ينسى الأمريكان لونه الأسود وأصله الأفريقي وآباءه المسلمين ويقولون لهذاالشاب الذي ما سكن قصراً وليس في آبائه وزير ولا قائد ولا رئيس ولا ملك،وإنما فقير ابن فقير ومسكين ابن مسكين،
يقولون له: تفضّل قُدِ البلادواحكم الدولة والأمة، وبيده مفاتيح القوة النووية والاقتصاد العالميوالقرار الأول والأخير في عالم الدنيا الفانية. دُفعةً واحدة يقفز هذاالشاب الأسمر الداكن الصعلوك من كوخ صغير فيه قطعة من حصير وأكواب من فخاروكيس من دقيق الشعير إلى أن يجلس أمام الكونغرس الأمريكي يأمر وينهى
ويصدرالمراسيم الرئاسية ويسقط حكومات ويعيّن رؤساء ويتحكم في الفضاء والثروةوالطاقة.
وإذا غضب على دولة فلها الويل مما يصفون، ويا حسرة على رئيس لا يرضى عنه،وأحسن الله عزاء بلدٍ قرر محاربته، فهل تفكرنا في
هذا المنطق وهذا المستوىالراقي الذي وصل به باراك أوباما إلى رئاسة (أمريكا)؟ أما قال عمر بنالخطاب رضي الله عنه: (والله لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لولّيتهالخلافة بعدي)، وسالم هذا مولى أسود فقير مسكين لكنه مؤمن مهاجر حافظلكتاب الله قائم بحدوده، ولما ولّى أمير مكة عليها بعده ابن أبزى وهو
مولىأسود فقير مسكين أقره عمر وقال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: «إنالله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين».
الآن أصبحت أمريكا تطبق دون أن تشعر بعض تعاليم الإسلام من احترام الإنسانوتقدير مواهبه
وإعطائه الحق في المشاركة وإبداء الرأي وأخذ مكانه المناسبمهما عظم. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّنذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» وقال صلى الله عليه وسلم:«الناس سواسية كأسنان المشط
» وقال عمر: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهمأمهاتهم أحراراً).
إن إخوان وزملاء باراك أوباما يعملون قهوجية وسفرجية وطباخين وكناسين فيبعض البلاد العربية، ولو طلب أحدهم أن يكون مدير مدرسة ابتدائية لنالهالويل والثبور،
وعظائم الأمور، وقاصمة الظهور، وإن في فوز باراك أوبامابرئاسة أمريكا لآية لأولي الألباب.