ابرة الظهر
عندما يأتينا طفل خاصة بعمر أقل من ثلاثة أشهر بشكوى حرارة أكثر من 38 وقد يترافق مع ضعف بالرضاعة وضعف في النشاط..
عندها يجب علينا إيجاد سبب لهذه الحرارة..
وكون الطفل في هذا العمر لا يستطيع أن يعبر عن شكوه ولأن العلامات التي تبين موضع الالتهاب تكون قليلة.. وغير نوعية لأي مرض..
فالطفل في هذا السن يعبر عن شكواه ب ( البكاء – الحرارة – الترجيع – الاسهال – ضعف الرضاعة – ضعف النشاط وضعف البكاء – صعوبة في النتفس وغيرها من الأعراض الغير نوعية)
كذلك فإن الفحص السريري غالبا يكون غير واضح وغير موجه لسبب هذه الحرارة..
فلذلك فإننا نقوم بالإضافة الى أخذ القصة المرضية للطفل بشكل جيد وذلك الفحص الجيد للطفل يجب علينا إجراء بعض الفحوصات التي توجهنا الى سبب هذه الحرارة..
فنقوم بالفحوصات التالية.
فحص الدم الشامل ونسبة الكريات البيض CBC
زراعة للدم..
زراعة للبول
زراعة للبراز في حال ترافقت الحرارة مع الإسهال..
فحص السائل الدماغي الشوكي (السائل ما حول المخ والنخاع الشوكي) أو ما يسمى عندنا بإبرة الظهر..
إن سماع كلمة ابراة الظهر مرعبة للأهل.. وللأسف في الغالب يرفضون إجراء هذا الفحص..
سأضع بعض الأسئلة والاستفسارات والاعتقادات التي تراود الأهل وتجعلهم في ريبة من إجراء هذا الإجراء.. وفي حال وجود أي أسئلة جيدة فإني مستعد للإجابة عنها..
1-هناك اعتقاد لدى الأهل بأن ابرة الظهر تسبب شلل للطفل لأنه قد تدخل الابرة في النخاع الشوكي.. فهل أبره الظهر تسبب شلل للطفل؟؟
للإجابة على هذا السؤال أتمنى أن ننظر الى الصورة أعلاه ..
فالنخاع الشوكي ينتهي عند الفقرة القطنية الأولى L1 ..
وإننا عندما نقوم بسحب عينة من السائل الدماغي الشوكي فإننا ندخل الابرة بين الفقرتين القطنيتين الثالثة والرابعة (L3-L4) أو بين الرابعة والخامسة (L4-L5)..
والمسافة بين الفقرة الأولى والثالثة حوالي 3-4سم وعند اجراء ابرة الظهر فإننا نقوم بعطف جسم الطفل للداخل مما يزيد المسافة الى 5-6سم.. لذلك فإن هذا موضع الابرة بعيد جدا عن النخاع الشوكي..
لذلك هو ليس مذكور ضمن مضاعفات ابرة الظهر..
2-إذا كنا سنبدأ بالمضاد الحيوي.. فما فائدة ابرة الظهر؟!!
بداية كما ذكرنا سابقا.. بأننا لا نعلم سبب الحرارة ولا نعلم هل لدى المريض التهاب خطر أم مجرد التهاب فيروسي عابر..
لذلك فإننا نقوم بأخذ تحليل دم شامل CBC لمعرفة عدد الكريات البيض وكذلك بعض الفحوصات التي توجه نحو الالتهاب بشكل عام مثل ESR,CRP ولكن كل هذه التحاليل نوجه نحو وجود التهاب دون تحديد مصدره..
فنقوم بزراعة الدم لمعرفة هل هناك بكتيريا في الدم..
زراعة البول لمعرفة وجود التهاب في البول..
ولكن كل هذه الفحوصات سواءً كانت ايجابية أو سلبية لا تنفي وجود التهاب سحايا من عدمها وذلك لتشارك نسبة كبيرة من التهابات الدم والبول مع التهاب السحايا.. وكذلك قد يكون هناك التهاب سحايا دون أن يكون زرع البول أو الدم ايجابي.. كما ان الفحوصات السابقة تأخذ وقتا 5-7 أيام حتى تظهر كل النتائج..
لذلك فإن هدفها الأساسي هو نفي أو اثبات وجود التهاب سحايا..
ففي حال كان فحص زراعة السائل الدماغي الشوكي سلبي نرتاح وكما يقول الدكتور محمد الحميدان رئيس قسم حوادث الأطفال في مستشفى الصباح.. يضع الأهل والطبيب المعالج رأسهم على المخدة وينامون مرتاحين في حال جاء الفحص سلبي..
الأمر الآخر (الفائدة الأخرى) في حال وجود التهاب سحايا.. عندها نستطيع أن نحدد هل الالتهاب فيروسي أو بكتيري..
وإذا كان بكتيري فنحدد نوع المضاد الحيوي الفعال.. حيث اننا عندما نبدأ بعلاج التهاب السحايا نعطي مضاد حيوي يشمل معظم البكتيريا التي نتوقعها.. وهذا المضاد بكل تأكيد لا تغطي كل أنواع البكتيريا.. كذلك بعض أنواع البكتيريا قد يكون مقاوم للمضاد الذي نستخدمه.. أما إذا كان فيروسي قد نعطي مضادات الفيروسات في هذه الحالة..
3-إذا كانت ابرة الظهر غير خطرة لماذا يجب أخذ موافقة الأهل؟؟
بالنسبة لي هذا هو السؤال الأصعب..
بداية عندما يأتي أي طفل بأي شكوى سنقوم بإجراء بعض الفحوصات .. لذلك فإننا نقول للأهل بأننا سنسحب دم من الفل وكذلك سنأخذ عينة من البول (سواء بالقثطرة أو بالطريقة العادية حسب عمر وحالة الطفل) وأشعة الصدر وغيرها .. هو اخبار للأهل بالإجراءات التي سنقوم بها.. وكذلك الأمر بالنسبة لإبرة الظهر فإننا نقول للأهل بأننا سنأخذ عينة من الظهر (السائل الدماغي الشوكي).. هذا بشكل عام..
في معظم دول العالم يحدث كما قلت ببداية جوابي على هذا السؤال بأنه مجرد اخبار للأهل عن الاجراءات التي سنقوم بها..
ولكن للأسف في بعض الدول (كالكويت) وفي بعض المستشفيات لاعتبارات اجتماعية ولوجود بعض المفاهيم الخاطئة لذلك درءً للمشاكل يطلب الطاقم الطبي موافقة الأهل كما قلت لاعتبارات اجتماعية وليس لاعتبارات طبية..
4-ما هي مضاعفات ابرة الظهر؟؟
عندما نقوم بإجراء ابرة الظهر فقد يحدث أحد هذه الأمور الثالثة
1-قد نسحب ويخرج السائل الدماغي الشوكي وعندها نكون قد حققنا الفحص بنجاح..
2-قد ونحن ندخل الإبرة ندخل في وعاء دموي (شريان أو وريد) فيخرج مع السائل الدماغي الشوكي بعض الدم فتكون النتيجة غير دقيقة فننتظر نتيجة الزراعة..
3-قد ندخل الابرة ولا يخرج شيء وعندها نعتبر أنفسنا كأننا لم نجري فحص السائل الدماغي الشوكي وننتظر نتيجة بقية الزراعات ومدى استجابة الطفل للعلاج..
ولكن هناك بعض المضاعفات التي تحدث عند اجراء ابرة الظهر..
الصداع الذي قد يستمر يومين الى أربعة أيام..
التهاب مكان ادخال الابرة وهذا نستطيع التقليل منه بوسائل التعقيم الجيدة..
5-كيف ومتى تظهر نتائج عينة الظهر؟
هناك فحص مجهري ميكروسكوبي يظهر خلال ساعة واحدة يحدد بشكل كبير وجود التهاب سحايا أو لا..
حيث يحدد عدد الكريات البيض وعدد الكريات الحمراء ووجود البكتيريا أو لا..
فحص نسبة السكر والبورتين في السائل الدماغي الشوكي أيضا يظهر خلال ساعة واحدة
زراعة السائل الدماغي الشوكي يظهر خلا 3-7 أيام
6-ماهي الحالات التي لا يجب إجراء ابرة الظهر؟
هناك بعض الحالات القليلة تعبر موانع لاجراء ابرة الظهر..
1-حالة طفل غير مستقرة مثل اذا ترافق مع جفاف هبوط ضغط تسرع نبضات القلب وغيرها..
2-وجود مشاكل دموية لدى الطفل.
3-وجود علامات ارتفاع الضغط داخل القحف (داخل الجمجمة)
4-التهاب الجلد مكان الابرة
الخلاصة
إني عندما أتكلم عن ابرة الظهر فإني أقصد ابرة الظهر التي تجرى للأطفال حيث أنه تخصصي وليس بالضرورة أنه ينطبق على البالغين أو الحوامل حيث أنه ليس في نطاق بحثي هذا..لذلك فإني لم أبحث مشاكلها أو خطورتها..
إن ابرة الظهر إجراء سهل وبسيط يستطيع أي دكتور أن يقوم به.. لا يشكل أي خطورة على حياة الطفل.. بل إن له فائدة كبيرة بحيث يحدد مسار العلاج وحاجة الطفل للعلاج المكثف لالتهاب السحايا..
لا يسبب شلل كما هو دارج لدى الناس..
أتمنى أن لا نرفض هذا الاجراء الذي يكما ذكرت سابقا يريحنا بشكل كبير ويقلل أي مضاعفات أو مشاكل للتأخر في العلاج..